(روميو وجولييت)
ما إن بزغت أولى خيوط الشمس كانت هذه الحشرة تبحث عن رفيق دربها،تجول بين الأزهار،وتحلق تارة وتنخفض طورا،وتلهث حينا،وتستنجد بكل من تراه قائلة هل رأيت رفيق عمري )؟؟
وفي قلبها أمل بأنها سترى من يعرف عنه شيئاً.
لم يكن مرور الوقت والمسافات لينقص مساحة الأمل في قلبها,ولم تكن أشكال الكائنات الكثيرة التي سألتها .....كافية لتنسيها شكل محبوبها.
إلتمعت عينا هذه الحشرة فجأة عندما صرحت إحدى هذه المخلوقات بأنها رأته .........في الحقيقة لم يرى هذا المخلوق إلا هلع وخوف تلك الحشرة فحاول أن يزيد من أملها الثابت أصلا,أو أن يداعبها بلفتة بدت غبية جدا.
من قال بأن هذه الحشرة ضحكت عندما لم تجد محبوبها في أعلى الجبل الذي دلها إليه المخلوق, ولكنها على الأقل وجدت مكانا تستلقي فيه,ولا أعتقد بأنها ستنام,بل ستوهم نفسها بذلك لكي تصحو نشيطة في الصباح الباكر.
وأكملت تلك الحشرة طريقها في اليوم التالي بكل وهن وضعف......
وهيهات أن تجد جولييت روميو.
وها قد رأت صديقتنا سلحفاة لم يكن أبلد من مشيتها إلا كلامها السطحي,فما أن سألتها الحشرة حتى انطلقت ترنم سلحفاتنا بكلماتها الساذجة قائلةإيه أيتها الحشرة ما أصغر عقلك......!
أستقضين شبابك تبحثين عن هذا العاشق الذي ربما فر مع حشرة أخرى,مع أنك جميلة جدا ولكن لاتأمني لحشرات هذه الأيام .........
فعمليات التجميل تجعل الشوكة وردة.
حسنا.......إن كنت مصرة فربما رأيته يدخل غابة النباتات المفترسة
فلتذهبي ,ولتجربي حظك بين آكلات الحشرات,فلن يخسر العالم شيئا بموتك....هذا إن لم يكن عشيقك قد صار طعاما هو الآخر...
وإن لم تجديه وحالفك الحظ بالبقاء على قيد الحياة فلربما تجدين روميو جميل آخر,ذبابة ...صرصار....خنفساء....لا يهم...المهم رجل يحميك ويقدر تعبك)
ولم ينته كلام السلحفاة إلا وكانت ملقية بكل عقدها من الحياة على كاهل هذه الحشرة الشابة التي تعلمت من السلحفاة خبرة الحياة لعشرة أعوام أخرى من حياتها القصيرة.
غادرت صديقتنا المكان شاكرة السلحفاة السطحية,صاحبة العكاز والنظرة المتفائلة جدا في الحياة,وهي مثقلة بأوهام الموت والضياع في رحاب خيال سلحفاتنا.
وتتالت المغامرات المخيفة والممتعة في تلك الغابة مع صديقتنا..
فلم تدر كيف نجت من براثن الصقور وغياهب القبور وعيون المعجبين وأسنان المفترسين,فتخاف حينا وتهرب في حين,وهي تحمل في طيات قلبها حبا زادته المغامرات اشتعالا .
وما أن التقطت صديقتنا أنفاسها على أطراف بحيرة,حتى غالبها النعاس مع نسيم الهواء البارد,وشعاع الشمس الدافئ, وغناء الطيور,ورقص الضفادع,وتعب السفر,ولم تكن لتنجح محاولات الصياح المستمر لحشرة أخرى ما في إيقاظها,إلا بعد أن تدخلت قطرة ندى سقطت من أحد الأزهار على وجه صديقتنا,عندها أفاقت مذهولة برؤية أحد ما يصيح لها في هذه الغابة الموحشة.......
لقد أخذ حوار ممتع وتساؤلات كثيرة تتصدر الحديث بين الحشرتين,وأخذ الحوار يتدرج نحو وصول حشرة مذكرة إلى هذه الغابة وبحثها المستمر عن عشيقتها وعندما وصفت الزائرة هذا الذكر لصديقتنا, أيقنت أنها وجدت ضالتها وارتسمت ابتسامة خفيفة على شفتيها تحمل حب الماضي وألم الحاضر ومجهول المستقبل.
وذهبتا بسرعة,مطلقتان العنان لجناحيهما في الرياح لتتلاعب بها الأنسام أملا بالوصول إلى بيت صديقة صديقتها حيث يوجد فارس الأحلام المنتظر الذي أشك بأن من قرأ هذه القصة لم يحاول رسم صورة له أو انتظر وصفي له.
وها قد التقت الحشرات الثلاثة ولم يكن بينها إلا بضع نباتات مفترسة ,التي بدا اجتيازها سهلا أمام المحبة التي تربط بين روميو وجولييت,وهبت صديقتنا منطلقة متغلبة على تعب السفر,والغيرة مرتسمة على وجه الحشرة الأخرى...........أما روميو فقد تراوحت مشاعره بين الخوف والفرح والمفاجأة,ولكنها لن تكون أكبر من المفاجأة القادمة.
ففي الوقت الذي ظنت فيه صديقتنا أنها ارتمت في أحضان حبيبها,كانت قد وصلت إلى أحضان إحدى هذه الأزهار المفترسة.
وقبل أن تدري ما بها راودت ذهنها فكرةلماذا تعبت كل هذه المسافة,طالما أن حضن محبوبي مظلم ولزج إلى هذا الحد)؟؟؟
وهنا انتهت حياة صديقتنا التي حملت الأمل والحب والجرأة والخوف في رحلتها,وكان مجهول المستقبل مظلما كما جوف أوراق الزهرة المفترسة.
وكان تشاؤم سلحفاتنا في مكانه...........فلربما كان كلامها السطحي في نظري,ناجما عن خبرتها في الحياة بنهاياتها الغريبة الحزينة التي كانت تلك السلحفاة لتتوقعها.
وإن تساءلتم عما حل برجلنا والحشرة الأخرى,فبالرغم مما اعتراهما من حزن بداية الأمر,عاد كل منهما ليرسم ابتسامة على شفتيه,تعبر عن فرحه بالبقاء على قيد الحياة ,وليكملا مسيرة حياتهما وكأن شيئا لم يكن.
لربما تساءل البعض عن سبب قصر المدة التي قضتها صديقتنا تبحث عن محبوبها,فسيكون جوابي لأن عمر الحشرات قصير,ولا يصلح لأن يكتب عنه قصص الحب كما في الأفلام المصرية).
وأنهي قصتي بتساؤل مشروع...!
(لماذا هذه النهايات المحزنة في أغلب قصص الحب التاريخية..ك(روميو وجولييت)؟؟؟
هل هو واقع مر تجبرنا به الحياة؟
أم تشاؤم زائد جاء من عقول بعض العجائز الذين نقلوا أو ألفوا تلك القصة......
ولكن مهما يكن فأنا أعتبر أن حبا كالذي وجدناه في قصة(روميو وجولييت) لم يكن لينتهي إلا بنهاية سعيدة تجمعهما.
هذه أولى محاولاتي القصصية أتمنى من الجميع ابداء الرأي
THE END