شهدت محافظة اللاذقية يوم الخميس أكبر حريق في تاريخها أتى على آلاف الهكتارات من أشجار الصنوبر وأمكن مشاهدة السحب الدخانية من على طريق اللاذقية حلب ومن عند مفرق قرية البهلولية .
الحريق إمتد من غابات قرى الربيعة - سكرية -عين العشرة- تبانة- القرداحة- وصولاً إلى موقع عين الحياة الذي يبعد عن مدينة اللاذقية 85كم و2كم عن الحدود السورية التركية وأعلى إرتفاع لألسنة اللهب كانت في هذه المنطقة فيما تحول مرصد عين الحياة إلى غرفة عمليات لقيادة خطة العمل لإخماده في أسرع وقت .
سيريانيوز التي وصلت مكان الحريق إلتقت محافظ اللاذقية زاهد حاج موسى الذي أوضح أن الحريق بدأ الساعة الحادية عشرة صباحا يوم الأربعاء في الغابات الصنوبرية الكثيفة في منطقة ربيعة شحرورة – الحدود لتركية ..
وتوقع المحافظ مبدئياً أن يكون سبب الحريق "ماس كهربائي في الأسلاك التي تمر في الغابات" مضيفاً .."بينما كنت أهم بالإتصال بوزير الزراعة لأبلغه بإخماد الحريق فوجئنا بإندلاعه مرة أخرى وقد يكون للرياح دور في ذلك لدرجة أن سرعة النار كانت تسبق النظر بإنتقالها من مكان لأخر فيما كانت قريتي الشحرورة – عين البيضا مهددتين بوصول الحريق اليهما الا ان أفواج الإطفاء وعناصر الدفاع المدني قاموا بتجهيز خط دفاع لحمايتهما ونجحوا بذلك"..
وحول سبب إندلاع النيران بمناطق متفرقة ومنها ما هو بعيد عن الآخر قال محافظ اللاذقية إن "ثمار الصنوبر تتحول جراء وصول ألسنة اللهب إليها إلى مقذوفات نارية تنتقل من غابة لأخرى ".
ويساهم الصنوبر في انتشار الحريق أكثر من مساهمة الرياح ، ودرجة حرارة الجو المرتفعة ، فأكواز الصنوبر المشتعلة تنفجر، وتتناثر أجزاؤها عشرات الأمتار بعيداً عن الشجرة المحترقة ناقلة الحريق إلى مسافة أبعد حيث تساهم في إشعال الأوراق الجافة التي تشكل طبقة سريعة الاشتعال في أرض الغابة التي يشكل الصنوبر والعذر معظم أشجارها ، وبعضها معمر حيث يبلغ عمرها عدة مئات من الأعوام .
وفيما أشار المحافظ الى انه يصعب حاليا تحديد موعد محدد للسيطرة على الحرائق لفت الى ان الحريق يسير في طريقه الى الحدود التركية.
وقال .."حشدنا كل ما نملك من طاقات لفرق الإطفاء في المحافظات الأخرى كذلك تمت مساعدتنا من قبل الأصدقاء الأتراك بالمعدات الهندسية ومحاولتهم لإخماد النيران بوسائط الإطفاء ومنه الطيران وما نقوم به حالياً إنشاء خطوط نار لعزل المناطق السليمة ."
مدير زراعة اللاذقية المهندس حسان بدور رجح أيضاً أن يكون الحريق عائدا الى "ماس كهربائي ناتج عن الخط المتوسط في منطقة طوروس غرب الربيعة وهي غابات صنوبرية كثيفة وحساسة للحرارة "موضحا ان فرق الإطفاء "وصلت بعد سبع دقائق فقط من الإعلام عن الحريق والذي إمتد بسرعة كبيرة بسبب سرعة الرياح التي قدرت ب60كم بالساعة والحريق من نوع "تاجي" أي من أعلى الأشجار إلى أسفلها "..
وقد تم يوم أمس الأول الأربعاء ظهراً السيطرة على الحريق بنسبة 80% الا ان سرعة الرياح وتقلب إتجاهها أحياناً غربية وأحيان أخرى جنوبية وبعد الواحدة ظهراً أصبحت شمالية شرقية ما ساعد على إندلاعها من جديد ومتدت النيران إلى مناطق لا تستطيع سيارات الإطفاء الوصول إليها ."
وبحسب بدور فإن الأولوية حالياً هي "منع إنتشار الحرائق في مناطق مأهولة"فيما يتم حاليا تنفيذ خطة لإنشاء خطوط نار للفصل بين المناطق وذلك بواسطة( 30بلدوزر ) تعمل بشكل دائم بالإضافة إلى إستنفار أكثر من100ألية من سيارات إطفاء وصهاريج وبلدوزرات بالإضافة إلى مساعدة أفواج الإطفاء القادمة من (دمشق – القنيطرة – حلب – حمص – طرطوس – حماه – إدلب – درعا – السويداء – ومشاركة وزارة الزراعة والإدارة المحلية بالإمكانات المتوفرة وما نتمناه أن تثمر هذه الجهود بإخماد الحريق تماماً."
وأثناء إنتقالنا في المنطقة المنكوبة بين مكان وأخر كنا نتحدث مع الإطفائيين الذين نقلوا شكوتهم بأنه رغم الجهود الكبيرة التي يقدمونها فلم يصلهم طعام منذ يوم الأربعاء ويضطرون إلى إرسال أحدهم لشراء الطعام على حسابهم الخاص بالإضافة إلى إن إحدى الفرق حوصرت بدائرة حريق لمدة 3ساعات وطلبوا المساعدة على أجهزة اللاسلكي دون فائدة .
واندلعت في المحافظة في وقت سابق من الصيف الحالي عدة حرائق في الغابات طالت الجانب التركي قرب الحدود مع سورية مقابل منطقة "ربيعة".
وحريق الأمس هو الثاني الذي يمكن وصفه بالهائل حيث سبق وان اندلع حريق قبله طال أراضي واسعة شمال منطقة كسب على الحدود مع تركية، وإمتدت الحرائق على محور بطول 20 كم وعرض يتراوح بين الـ 500 م والـ 3000 م ، دون أن تصيب المنازل أو توقع إصابات في الأهالي في حين لم يتم السيطرة على الحريق الا في اليوم الخامس من اندلاعه، وبمساعدة من أجهزة الإطفاء التركية.
وتشكل الغابات والمناطق الحراجية أقل من 2 % من المساحة الكلية للجمهورية العربية السورية وتعاني من تدهور مستمر نتيجة الحرائق والتعديات المستمرة عليها .
وقال محافظ اللاذقية زاهد حاج موسى في تصريحات صحفية سابقة إن "الحريق الذي شب شمال المحافظة على طريق كسب من المحتمل أن يكون بفعل فاعل ونتيجة إهمال المواطنين الزوار وقد بدأ التحقيق لمعرفة أسباب اندلاع الحريق".
ووصف خبير حراجي طلب عدم الكشف عن إسمه لسيريانيوز في وقت سابق أعمال إخماد الحريق ب"قاصرة" في ضوء ضعف الإمكانيات المتاحة مضيفا انه " كان من المفترض محاصرة الحرائق بخطوط النار على مقربة من النيران ، والزج بكل الإمكانيات مهما كانت ضعيفة منذ اللحظة الأولى لاندلاعه "كما أن حرائق الغابات يجب أن يستعد لها بشكل أفضل في موسم الحر."
وبحسب الخبير ذاته فإن " المروحيات الأربع التي بحوزة وزارة الزراعة قديمة، وغير مصممة أصلاً للتعامل مع الحرائق، بل هي مروحيات حربية منسقة، ويجب أن تمتلك الوزارة أسطولاً من الطائرات الخاصة بحرائق الغابات بأسرع وقت .
وشهد العام الماضي شهد حريقاً هائلاً في غابات شطحة في محافظة حماة حيث أتت النيران على حوالي الخمسة آلاف دونم في حريق أعتبر الأضخم من نوعه في تاريخ سورية .